القانون الجديد… ما له وما عليه

تشهد الكويت تطورات ملحوظة في مجال التمويل والرهن العقاري، حيث تسعى الحكومة إلى معالجة أزمة الإسكان من خلال إعادة هيكلة قطاع التمويل العقاري بشكل جذري. يأتي هذا التحرك في وقت تتزايد فيه الضغوط على المؤسسة العامة للرعاية السكنية وبنك الائتمان الكويتي، مع قوائم انتظار طويلة من المواطنين الراغبين في الحصول على مسكن. وقد تم اقتراح مشروع قانون جديد لتنظيم التمويل العقاري، ما يفتح بابا لحلول مبتكرة تسهم في تخفيف حدة الأزمة الإسكانية.

التمويل العقاري… تعريفه ودوره في الحل

التمويل العقاري هو نظام تمويلي يُتيح للأفراد الحصول على قروض لشراء أو بناء العقارات، حيث يُعتبر العقار ذاته ضمانا للقرض. يتم السداد عبر أقساط شهرية تشمل أصل الدين والفوائد أو الأرباح، وفي حال عدم السداد يحق للجهة المُقرِضة استرداد العقار.

في الكويت، يتميز التمويل العقاري المقترح بتوفير تمويل يصل إلى 200 ألف دينار موزعة كالتالي:

70ألف دينار بضمانة حكومية تتحمل تكلفتها الدولة،130 ألف دينار عبر البنوك مع رهن العقار كضمان.

المزايا

-1 تخفيف الضغط عن الحكومة:

من خلال تمويل جزء كبير من قيمة العقارات عبر البنوك، سيتم تقليل الأعباء المالية عن المؤسسة العامة للرعاية السكنية وبنك الائتمان الكويتي، مما يتيح لهما توجيه مواردهما للفئات الأكثر احتياجا أو لمشاريع ستراتيجية.

-2 تقليل فترات الانتظار:

مع توفر التمويل العقاري الفوري، يمكن للمواطنين شراء منازلهم دون الانتظار لسنوات في قوائم الرعاية السكنية.

-3 دعم الاقتصاد الوطني:

زيادة النشاط في سوق العقارات والبناء والإنشاءات يُساهم في تحريك الاقتصاد الكويتي، حيث يعتمد هذا القطاع على سلاسل إمداد واسعة تشمل العديد من الصناعات.

-4 مرونة السداد:

تمديد فترة السداد إلى 25 سنة بدلاً من 15 سنة يتيح للمواطنين أقساطا شهرية ميسرة، مع رفع الحد المسموح للقسط إلى 50% من الدخل.

العيوب والتحديات المحتملة

-1 ارتفاع أسعار العقارات:

زيادة الطلب الناتج عن التمويل العقاري قد يؤدي إلى تضخم أسعار العقارات، ما قد يُشكل عبئا على المواطنين ويُهدد بخلق فقاعة عقارية.

-2 زيادة ديون الأفراد:

الاعتماد الكبير على التمويل العقاري قد يُعرض المواطنين لمخاطر تراكم الديون، خاصة إذا لم يتمكنوا من الالتزام بسداد الأقساط.

-3 مخاطر فقدان العقار:

في حال تعثر المواطن في السداد، قد يترتب على ذلك خطر فقدان منزله، مما يؤدي إلى تحديات اجتماعية. ولأن قانون المرافعات الكويتي يحمي العقار الوحيد للمواطن لضمان حقه في السكن، فإن تطبيق نظام التمويل العقاري يستلزم إجراء تعديل تشريعي يحقق التوازن بين حماية السكن الأساسي وحق البنك في استرداد مستحقاته، مع التأكيد على أن التنفيذ يكون كخيار أخير، مع توفير حلول بديلة تحمي المواطن من فقدان مسكنه.

-4 الضغط على البنوك:

إذا لم تُدار العملية بشكل جيد، قد تواجه البنوك مشاكل في تحصيل القروض أو التعامل مع حالات التعثر.

كيف يساعد القانون الحكومة؟

-1 تقليل التكاليف الحكومية:

تتحمل البنوك جزءاً كبيراً من عبء التمويل، مما يقلل من الحاجة إلى تقديم قروض إسكانية مدعومة بالكامل من الحكومة.

-2 تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص:

القانون يُعزز التعاون بين الحكومة والبنوك لتقديم حلول تمويلية مبتكرة، مثل تقاسم الفوائد أو تقديم ضمانات.

-3 تركيز الجهود الحكومية:

يمكن للحكومة توجيه مواردها إلى تطوير البنية التحتية أو دعم الفئات الأقل قدرة على تحمل تكاليف السكن.

التوصيات لضمان نجاح القانون

-1 الرقابة على الأسعار وذلك بوضع ضوابط لمنع التضخم المفرط في أسعار العقارات.

-2 تثقيف المواطنين بإطلاق حملات توعوية لتثقيف المواطنين حول مخاطر التمويل العقاري وكيفية إدارته بشكل مسؤول.

-3 دعم الفائدة بتحديد سقف للفوائد أو تقديم إعانات حكومية للمواطنين ذوي الدخل المتوسط والمحدود.

-4 التعاون بين الأطراف تعزيز التعاون بين الحكومة والبنوك والقطاع الخاص لتوفير حلول سكنية مستدامة.

الخلاصة

يمثل قانون التمويل العقاري الجديد في الكويت خطوة ستراتيجية نحو حل أزمة الإسكان المزمنة. من خلال تقليل الضغط على المؤسسة العامة للرعاية السكنية وبنك الائتمان الكويتي، وتحفيز القطاع الخاص، ودعم المواطنين بتمويل ميسر، يمكن لهذا القانون أن يُحدث تحولاً إيجابياً في قطاع العقارات. ومع ذلك، يبقى نجاحه مشروطا بإدارة فعالة ورقابة صارمة لضمان تحقيق التوازن بين توفير حلول سكنية عادلة واستقرار السوق العقاري.

مستشار قانوني عقاري