بـ'الضربة القاضية' لبنى تهزم إلهام في 'خريف القلب'

النسخة العربية تفرض المقارنات وتظلم الممثلين وتُقيد الرؤية الإخراجية

فالح العنزي

على الرغم من أن “الرياح جرت عكس رغبة” “فرح” وعلاقتها مع زوجها “راشد” في الدراما الاجتماعية “خريف القلب” الا أنها في المقابل أثبتت علو كعبها على صعيد الأداء التمثيلي من مشاعر الحب والبغضاء والقوة والوهن والجبر والإنكسار، لبنى عبدالعزيز الخالدي الاعلامية السعودية ومقدمة البرامج المعروفة التي لعبت دور “فرح” جسدت شخصيتها بشكل استثنائي مميز على الرغم من أنها تجربتها الأولى في التمثيل، وأن الشخصية التي ظهرت عليها خلال حلقات المسلسل الـ90 لزوجة تعاني اضطرابا وعدم استقرار في حياتها الأسرية مع زوجها انتهت بالانفصال. هي في الحقيقة ربما تكون على النقيض تماما من واقعها الحياتي الذي ترفض أن تتحدث عنه على شاشة التلفزيون، لكن المقربين منها يؤكدون بأنها تعيش حياة أسرية مستقرة وليست كما تابعها المشاهدون ضمن أحداث المسلسل.

قصة المسلسل

تدور الفكرة الرئيسية للمسلسل الذي يعرض على منصة شاهد حول اكتشاف حالة تبادل لرضيعتين بعد سبعة عشر عاما حيث قام المستشفى بتبديلهما عن طريق الخطأ واستلمت العائلة الثرية المكونة من الزوج “راشد” وزوجته “فرح” طفلتهما التي أسمياها “شوق” بينما قامت العائلة الثانية وهي عائلة فقيرة مكونة من الزوجة “نهلة” والزوج” حمود” وهما بدورهما أطلقا على طفلتهما اسم “أمل”، وعاشت كلتا الطفلتين حياتيهما بحسب المستوى المعيشي لكل أسرة،”شوق” ابنة الاسرة الغنية فتاة رقيقة وجميلة، راقية في اسلوبها،هادئة ومسالمة، تلقت تعليمها في مدارس أجنبية يعكس المستوى الأرستقراطي لاسرتها، شخصيتها محبة متصالحة مع نفسها وتعيش بسلام وتواضع كبيرين ولم يؤثر ثراء أسرتها الفاحش على طبيعتها المتواضعة،بينما ” أمل” فقد تربت في كنف عائلة تعاني عوزا وفقرا شديدين فوالدتها ” نهلة” تقاتل من أجل توفير لقمة العيش بعدما هجرها زوجها وسافر الى القاهرة هربا من الدائنين،العمة جواهر لا تفوت فرصة إلا وقامت بتذكير “نهلة” بأنها يجب أن تدفع مالا مقابل السماح لها وابنتها بالعيش معها في الشقة التي تملكها في حي شعبي، “أمل” تلقت تعليمها في مدرسة عادية في الحي الذي تقطنه، ناهيك عن الحرمان الذي تسبب به والدها بهروبه خارج البلاد وتركها وأمها تلاطمهما أمواج الحياة وصعوبتها،”أمل تعاني” من عقدتي النقص والفقر اللذين جعلا منها فتاة مراهقة عدوانية كاذبة وحقودة لا تتقبل وضعها الاجتماعي ولا تأبه بمعاناة والدتها وتضحياتها الكبيرة من أجلها.

نسخة تقليد

مسلسل “خريف القلب” أخرجه فكرت قاضي وهو النسخة العربية المأخوذة عن المسلسل التركي Autumn in my hear “حطام” لمخرجه سردال جينغ والذي قدم مدبلجا تحت اسم “عشق ودموع”،،شارك في بطولة النسخة العربية مجموعة من الفنانين منهم عبدالمحسن النمر وإلهام علي ولبنى عبدالعزيز وفيصل الدوخي وابراهيم الحربي ومروى محمد ومهيرة عبدالعزيز والمطربة أروى وغيرهم،بينما جسدتا كل من جود السفياني وميرال مصطفى شخصيتي “أمل” و”شوق”، غالبا ما يتسبب تعريب المسلسلات الأجنبية عامة والتركية خصوصا بفرض مقارنات خصوصا بالنسبة لمن سبق وتابع النسخة التركية،كما تكثر المفارقات التي يدفع ثمنها الممثل العربي حيث يجد نفسه في زاوية “من الأفضل؟” مما يضطره أحيانا للدفاع عن نفسه أو عن المسلسل، ناهيك عن المفاضلة في الرؤية الاخراجية والصورة التلفزيونية والمحاذير الرقابية على الشاشة الخليجية حيث يجد مخرج النسخة العربية نفسه محصورا في “قالب” “مكتوف اليدين” “مجبرا” لا يستطيع الخروج منه خصوصا في ظل تراجع جرعة الرومانسية المتعارف عليها في المسلسلات التركية والتي عادة ما تساهم في نجاح وانتشار العمل وحصد الاشادات على اداء الممثلين وهنا يظلم “العنصر العربي” في منافسة ليست عادلة ومقارنة لن تكون في محلها،ناهيك عن أن المسلسل التركي يكون قد أستحوذ على النجاح والانتشار وينطبق المثل الشهير “الطيور طارت بأرزاقها” وبالتالي تظل النسخة العربية مجرد “تحصيل حاصل” تكسب تعاطفا من هنا ومشاهدة من هناك لكنها تظل تحت دائرة الاتهام ومرمى محاولة الصعود على أكتاف نجاحات الآخرين.

الأداء التمثيلي

نأت على النقاط الرئيسية في المسلسل وفي مقدمتها الأداء التمثيلي للفنانين حيث إن سيناريو النسخة التركية وتحديدا “الحدوتة” كانت تتمحور حول الأم الفقيرة وهي بطلة العمل الرئيسية منها وإليها تنطلق الأحداث وتعود،في النسخة التركية تم اختيار نجمة الدراما التركية “نورغول يشيلتشاي” التي استحوذت على الأضواء طوال حلقات المسلسل وكانت متفوقة في كل تفاصيل تجسيدها للشخصية من تقمص للشخصية بمشاعرها وعواطفها وكانت المتسيدة ونجمة العمل الأولى في جانب الاداء وهذا ما كان يفترض أن يكون في النسخة العربية، لكن “انعكست الآية ” فالسيناريو المكتوب أصلا والذي يفترض أن يبرز شخصية الأم الفقيرة “نهلة” كبطلة رئيسية لم نشهده بل ما حدث هو أن الأم الثرية “فرح” “لبنى عبدالعزيز” كانت محور العمل ومن استحقت وبجدارة أن تسحب البساط والأضواء تجاهها على الرغم من أنها تجربتها التمثيلية الأولى، وهنا لا نشكك بقدرات غريمتها في المسلسل الفنانة إلهام علي إنما نشيد بحسن أداء لبنى عبدالعزيز وتجسيدها لشخصية المرأة الاستقراطية والزوجة المنكوبة في زوجها، وكيف نجحت بامتياز في التعايش مع واقعها وسط دوامة الحفاظ على رباطة جأشها ومكانتها الاجتماعية وانكسارها كأنثى وأم وما بين الحفاظ على صورتها القوية أمام الجميع خصوصا اسرتها ومجتمعها والا تظهر أمامهم “زوجة محطمة”،لبنى استفادت من شخصيتها الاعلامية كثيرا وساعدها ذلك في أنها تمكنت من فرض سطوتها كممثلة كسبت جميع الجولات بالضربة القاضية وتفوقت “تمثيلا” على كافة العناصر النسائية في المسلسل، ومن جديد هذا ليس انتقاصا من باقي الفنانات لأن كل ممثلة فعلت ما هو مكتوب لشخصيتها في السيناريو، وعلى مستوى “البنتين” في النسخة التركية” “حطام” كانت الفتاة الفقيرة هي الأبرز ضمن الأحداث وتم اختيار ممثلة تركية “شاطرة” برزت بالدور مثلما خطط لها بحسب السيناريو لكن في النسخة العربية شاهدنا جود السفياني”أمل” مرتبكة ومبالغة في الأداء وتعابير الوجه لا واحدة لا تتبدل رغم بشاعة تصرفاتها، مما أعطى التفوق إلى ميرال مصطفى “شوق” والتي بدورها استحوذت بأدائها على الأضواء، أما بالنسبة للبطولة الرجالية فمن الطبيعي أن يكون الأبرز في العمل الفنان السعودي عبدالمحسن النمر في تجسيده دور الأب المثالي الذي يعيش فراغا عاطفيا بسبب انشغال زوجته بالتزاماتها الاجتماعية، النمر أو “راشد” اجتهد في تقديم شخصيته كرجل يبحث عن حياة جديدة بعدما سئم من جفاء علاقته مع زوجته وفعلا يجد الحب مع “نهلة”، لكن في النسخة العربية أظهرت “راشد” بصورة متناقضة هو لا يتحمل ذلك بل هي مسؤولية كاتب السيناريو والمخرج، مثال حين انفجر في وجه زوجته “فرح” في اليوم الثاني لحريق الاسطبل بسبب أنها سألته إذا ما كان قد أخبر ابنتهما “شوق” بوقوع طلاقهما، بل اتهمها بعدم مراعاة شعور ابنتهما في حين كان قبلها بساعات قد عرض الزواج من “نهلة”،موقف ثان عندما سمح لنفسه باتهام فرح بالإهمال عندما سقطت “امل” وتم اسعافها كونها تعيش مع والدها الحقيقية في حين هو كان يعلم بأن يدها محروقة وأخفى ذلك،عن الأم وهذا لم يكن السيناريو المكتوب في النسخة التركية، أداء الممثل فيصل الدوخي كان جيدا واستطاع ان يجبرنا على التعاطف معه على الرغم من هروبه لسنوات.